الرئيسية

تصفح ملخصات الكتب

المدونة

ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة

ملخص كتاب الحب السائل

عن هشاشة الروابط الإنسانية

إريك راشواي

منذ اختراع المحرك البخاري بدأ عصر التنوير، ثم تلاه عصر الحداثة. وبالرغم من كافة المميزات التي حققها عصر التنوير، إلا أن عصر الحداثة الذي تلاه قد فشل على كافة المقاييس؛ فلقد عزز الفردية وقضى على الجماعات، وبقيت التساؤلات المهمة تطرح نفسها من آن لآخر: ما دور الأسرة وما موقعها في هذا النظام الحديث؟ وهل يجدر تمجيد الإله الصغير المتجسد في فردانية الشخص، أم عليه أن يتواضع ويضحي بغروره وراحته من أجل تكوين علاقة وجماعات ينتمي لها؟ وهل تصلح السرديات الكبرى القديمة لتفسير العالم والعلاقات ووضع حدودها أم أنه يجب إطلاق الحرية الجنسية؟ وما الذي فعلته اقتصاديات السوق بالإنسان الحديث؟ وكيف يمكن التغلب على نظام السوق؟ وهل يمكن خلق اقتصاد أخلاقي جديد يتعامل مع مشاعر الإنسان بحذر، ولا يعتبره كجسد يحتاج للذة والمتعة فقط؟ وهل سيتحرر العالم يومًا من تلك الأعباء الثقيلة والتحرك الدائم وعدم الأمان ؟، وفيما يلي محاولة لفهم طبيعة العالم الحديث ومحاولة للإجابة عن التساؤلات الوجودية التي تشغل بال الإنسان المعاصر.

1- الوقوع في الحب والخروج منه - الجزء الاول

" اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَي قَلْبِكَ، كَخَاتِمٍ عَلَي سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ " ، تلك الآية من سفر نشيد الأنشاد تجسد ما هو التعريف الواقعي للحب؛ فالمحبة قوية كقوة الموت في التزاماتها واستعدادها لبذل التضحيات وتقديم الوقت والجهد والاهتمام، كما أن الآية تظهر كيف أن الحب والموت متقاربان للغاية في الفرادة، فهما حدثان مميزان يصعب تكرارهما، ولكننا في واقع الأمر يمكننا أن نرى أن أبناء عصرنا يقعون في الحب بكل سهولة، بل إن الكثير يشتكون بأنهم يقعون في الحب كثيرًا وبسرعة مبالغ بها؛ وبالتالي فقد انتهت عبارات مثل " تعاهدنا على ألا يفرقنا إلا الموت " وانتهى زمن فرادة الحب.

يعتقد أبناء العصر الحالي أن كثرة التجارب في الحب تزيد من الخبرة اللازمة حتى تأتي اللحظة المناسبة فيكونوا على أتم استعداد، ولكن هذا غير صحيح إطلاقًا. هذا يمثل تقريبًا فكرة " دون جوان " ، ذلك الرجل الذي كان مهووسًا بمنع كل محاولات الحب الحالية من اعتراض طريق التجارب القادمة؛ فكان الشغل الشاغل له أن يقطع العلاقات بعد فترات قصيرة وينتقل لأخرى، وإذا به في النهاية قد أصبح عاجزًا عن الحب أو عن إعطائه، وأصبح الأمر بالنسبة له روتين ممل للغاية يحصل منه على مشاعر اللذة، ولكنه لا يحصل على الاطمئنان ولا يتخلص من الوحدة.

ومن الأشياء التي تتشابه مع الحب أيضًا هي الرغبة، ولكنها تتشابه معه ظاهريًا فقط وتختلف عنه كل الاختلاف في الواقع، فإذا كان الحب يشتهي التملك فإن الرغبة تشتهي الاستهلاك، وكعادة الاستهلاك فإنه يأخذ ما يريده من المنتج ثم يلقي ما لا يريده في النفايات، حتى يهلك المنتج تمامًا فنقوم بشراء غيره. وكلمة "رغبة" هي ما يمكن أن توصف بها العلاقات في القرن الحادي والعشرين؛ فنحن الآن نعيش في عصر رأسمالي استهلاكي يغري البشر دائمًا بالأشياء السهلة المريحة. فمنذ اختراع المحرك البخاري وتسهيل الأعمال في الصناعة؛ وبالتالي في التجارة أيضًا، انتقلت تلك الرغبة في الراحة إلى كافة جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية.

الثقافة الرأسمالية تعزز الرغبة وتقضي على الحب، وهذا يرجع إلى الطبيعة الجشعة للسوق التي تجعل الإنسان يعمل بقوة وبجد أغلب الوقت؛ ليوفر احتياجاته الأساسية من ملبس ومسكن ومأكل، بينما يحصل أصحاب الشركات الكبيرة على الثراء؛ وبالتالي لا يجد العامل أو الموظف العادي وقتًا يعطيه للحب والتعارف القوي والراسخ، ولكي يُنشئ أسرة ويحصل على بيت وما إلى ذلك فإنه ربما قد يقضي كل سنوات شبابه يعمل في عدة وظائف لادّخار الأموال اللازمة، وفي تلك الآونة ربما تكون فاتته فرص الحب الصادق.

2- الوقوع في الحب والخروج منه - الجزء الثاني

فنحن نرى أن هذا الزمن هو زمن يصعب فيه الاستقرار؛ ولذلك أخرجت الرأسمالية ورقتها التالية، ألا وهي القضاء على الحب وتعزيز الرغبة؛ فقامت باختراع وسائل منع الحمل وطرق للوقاية من الأمراض الجنسية؛ فأصبح بوسع سكان العالم في القرن الواحد والعشرين أن يمارسوا الجنس بدون الزواج، وأن يتعافوا من الأمراض التي قد تنتج عن ممارسته مع عدة أشخاص مجهولين، وكثرت الحانات التي تعرض راقصات تعرٍّ؛ فيقضي بها العاملون أوقات فراغهم يطمحون إلى إشباع رغبتهم وفي نفس الوقت يدفعون اموالهم للمرح فتعود للنظام الرأسمالي من جديد، بالتالي فقد بنيت العلاقات في العصر الحالي على الاستهلاك لا الاستثمار.

تقول كاثرين جارفي -وهي كاتبة في صحيفة الجارديان -" أن الحب هو أن تلتقي عيونكما في غرفة مزدحمة، فتشتعل الشرارة بينكما ثم تتبادلا أطراف الحديث، قبل أن تسألا سؤال: عندك أم عندي؟ " وبعدها قد يستمر الأمر لليلة او لشهر أو لسنة "، وبهذا الوصف نجد أن العلاقات أصبحت أشبه بالتسوق في المراكز التجارية الكبيرة. تمشي بين الأرفف وتعجبك سلعة ما؛ فتقرر أن تشتريها حتى بدون أن تتأكد إن كانت ستصمد معك بعد خروجك من المركز التجاري لدقائق معدودة أم لا. وهذا بالطبع يكسر أساس الحب؛ فالحب هو بناء طويل الأمد وممل ويجعلنا في حالة اشتياق دائم، يحتاج إلى تعارف طويل جدًا واختبار للمواقف الحياتية لسنوات عدة، ثم أخيرًا يأتي إشباع الرغبة. فالحب بالطبع يحتوي على رغبة، وهو في الأصل يسعى إلى إبقاء الرغبة للأبد، أما الرغبة فتسعى للهروب من قيود الحب.

علاقات هذه الأيام بسبب التطور التكنولوجي أصبحت معروفة بعلاقات "الجيب العلوي"، أي تلك التي يمكنك إخراجها واستهلاكها وقتما شئت ثم تعيدها لمكانها مرة أخرى. كثير من العلاقات الآن تبدأ عن طريق المحادثات والرسائل الإلكترونية. وقد أشار أحد الشباب في استفتاء للرأي بأن المميز في تلك العلاقات أنه يمكنك دائمًا أن تضغط حذف أو أن تغلق نافذة الدردشة؛ فتلك العلاقات يسهل التخلص منها. وفي تحليل آخر لتلك العلاقات، تم وصفها بأنها قضت على تأمل النفس، واستبدلته بالتفاعل الذي يفضح أعمق الأسرار؛ فالغرض من تلك العلاقات ليس الحديث ولكن استمرار الحديث، أي أن الشباب لم يعد يشعر بالقبول الاجتماعي إلا إذا كان هناك سيل من الرسائل ينهال عليه بشكل لا ينقطع؛ فقد صممت تلك الشركات التطبيقات بالشكل الذي يجعل مستخدميها يدمنون استخدامها واستمراريتها.

وهنا تكون العلاقات مرهونة باستمرار الحديث الجذاب. وإن انقطعت الأحاديث الجذابة فإن العلاقة تنقطع؛ فليس هنالك تشارك حسي أو تلاقٍ بالأعين، فقط بعض المحادثات السخيفة التي تغلب عليها المبالغة ومحاولة إضفاء حماسة مصطنعة وكاذبة. والجدير بالذكر أن هذا النموذج عندما يتطور يخلف ما يعرف بـِِ "الزاواج شبه المنفصل"، ففيه يبقى الأزواج في بيوت منفصلة ولديهم حسابات مصرفية منفصلة، ولكل منهم أصدقاؤه، وفقط يتشاركون الوقت عندما يريدون ذلك، كما كانوا يتحدثون في شاشات الدردشة الإلكترونية عندما يشعرون أن لديهم شيئًا جذابًا ومميزًا يريدون الحديث عنه. وبتلك الآلية وبكل ما ذكرناه في الصفحات السابقة، يكون المرء قد دخل الحب وخرج منه دون أي خبرات، فقط بميكانيكية واحدة يتعامل بها مع الحياة، ألا وهي "أكبر قدر من المتعة وأقل قدر من الألم".

3- دخول العلاقات الاجتماعية والخروج منها - الجزء الاول

4- دخول العلاقات الاجتماعية والخروج منها - الجزء الثاني

5- الوصية الصعبة

6- تفكيك الاجتماع البشري

اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان

ملخصات مشابهة

ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة

هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت

حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان